شهر رمضان خصّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان من بين الأشهر بفضائل كثيرة، فهو شهر ينتظره المسلم لأهميّته ومكانته في الإسلام، وقد كان الصّحابة رضوان الله عليهم يدعون الله تعالى أن يُبلّغهم شهر رمضان حتّى يغتنموا ما فيه من الخيرات والحسنات، وقد كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام جواداً كريماً، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان المبارك حتّى يكون في عمله وعبادته كالرّيح المرسلة، وإذا دخلت العشر الأواخر شمّر عن ساعدَيه وأحيا ليلَهُ وأيقظ أهله. أهميّة شهر رمضان تُختصر أهميّة رمضان بالأمور الآتية:[١] هو شهر الرّحمة والغفران والعتق من النّيران، فكما صحّ عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ هذا الشّهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النّار، فعلى المسلم أن يدرك أهميّة هذا الشّهر باغتنام كلّ ساعةٍ من ساعاته في العبادة وعمل الخير؛ حتّى تناله رحمة ربّه فيغفر له ذنبه ويدخل الجنّة. تُضاعَف في شهر رمضان الحسنات أضعافاً كثيرةً، فأجر العبادة وعمل الخير في رمضان ليس كالأجر فيما سواه من الشّهور، فالحسنة تُضاعفُ سبعين مرّةً، وهذا ينبغي أن يحفّز المسلم على أن يشمّر فيه عن ساعده حتّى يستزيد من الحسنات. تصفيد الشّياطين وإغلاق أبواب جهنّم، فكما صحّ عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أنّه إذا دخل شهر رمضان غُلّقت أبوابُ النّيران، وصُفّدت الشّياطين، ولا شكّ أنّ في ذلك إعانة روحيّة للمسلم للابتعاد عن المحرّمات والمعاصي، وملازمة الخير والطّاعات. يعدّ شهر رمضان فرصةً للإحساس بالفقراء والمساكين، فالصّوم بحدّ ذاته من حيث كونه انقطاعاً عن ملذّات البطن والفرج، يُعوّدُ النّفس على الإحساس بمن يفتقدون النّعم في حياتهم، كما أنّ هذا الشّهر هو مظنّة تكافل المسلمين وتعاضدهم فيما بينهم من خلال قضاء الحاجات، وإعانة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وتفريج الكروب، كما أنّ صدقة الفطر فيه قد شرّعها الله تعالى لسبَبين أحدهما الإحساس بالفقراء والمحتاجين، وإغناؤهم عن المسألة في يوم عيد الفطر الذي لا يصلح فيه أن يحزن أحد من المسلمين. يعزّز مشاعر التّسامح بين النّاس، فالصّائم في هذا الشّهر يكون مثالًا في التّسامح والعفو، فلو قاتله أحدٌ أو سبّه قال له: الّلهمّ إنّي صائم. شهر رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات، فقد حدثت معارك كثيرة في التّاريخ الإسلاميّ في شهر رمضان انتصر فيها المسلمون ومنها معركة بدر وفتح مكّة. يُعتبر شهر رمضان شهر الصّلاة والقيام، ففيه تُقام صلاة التّراويح حيث يصلّيها المسلمون جماعةً في المساجد محتسبين الأجر عند الله تعالى. شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم، إذ إنّ فيه نزول القرآن لقوله تعالى: (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن).[٢] فيه ليلة القدر الذي بفضلها تفوق عبادة ألف شهر، لحديث الرسول عليه السلام: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).[٣] رمضان شهر استجابة الدعاء والعتق من النار، لحديث الرسول عليه السلام: (إن لله عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة). [٤] العمرة في رمضان تعادل في أجرها الحج، لحديث الرسول عليه السلام، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: (ما منعك أن تحجّي معنا؟) قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه ـ لزوجها وابنها ـ وترك ناضحًا ننضـح عليه. قـال: (فإذا كان رمضان اعتمري فيه؛ فإن عمرةً فيه تعدل حجة). [٥] خير الأعمال في رمضان من الأعمال التي يختصّ بها شهر رمضان عن غيره من الأشهر ما يأتي:[٦] الصيام: لأن رمضان شهر الصيام، بحيث لا يكون الصيام مقصوراً على الامتناع عن الطّعام والشّراب، إنما الابتعاد عن المُحرّمات أيضاً، لحديث الرسول عليه السلام: (من لمْ يَدَعْ قولَ الزورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للهِ حاجَةٌ في أنِ يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ).[٧] قيام الليل: وهي الصلاة التي يقيمها المسلم بعد صلاة التراويح، فقد ورد عن السّلف الصالح حرصهم على قيام الليل، كما أن الأحاديث عن الرسول عليه السلام والآيات القرآنية التي تحثّ غلى قيام الليل كثيرة، منها قوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).[٨] التصدّق: للصدقة في رمضان نكهة خاصّة مميّزة، إضافة إلى أنّ العمل الصالح يتضاعف، فيتضاعف أجر الصدقة في هذا الشهر، وتكون الصدقة إمّا بإطعام الطعام، أو تفطير الصائمين، كما جاء في حديث الرسول عليه السلام: (من فطَّرَ صائمًا كانَ لَهُ مثلُ أجرِهِ غيرَ أنَّهُ لا ينقصُ من أجرِ الصَّائمِ شيءٌ).[٩] المداومة على قراءة القرآن: شهر رمضان هو شهر القرآن، إذ تكثر فيه قراءة القرآن، والعيش بتفاصيله، والالتزام بأخلاقه قدر الأمكان، فقد وردت الكثير من القصص عن السَّلَف الصالح في مداومتهم لقراءة القرآن، والشعور بمعانيه، وتدارسه، والبكاء خوفاً من العقاب وفرحاً بالثواب، ففي الحديث الشريف يقول الرسول عليه السلام: ( لا يَلِجُ النارَ مَنْ بَكَى من خشيةِ اللهِ).[١٠] ملازمة المسجد بعد الفجر وحتى طلوع الشمس: ملازمة المسجد في هذه الفترة تعود على المسلم بالكثير من الأجر، لقول الرسول عليه السلام: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ ، ثم صلى ركعتينِ ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ ، تامَّةٍ ، تامَّةٍ)[١١]، هذا الأجر في الأيام العادية، فما بال المسلم من أجر هذا العمل في رمضان؟ الاعتكاف في المساجد: يجمع الاعتكاف الكثير من العبادات؛ ففيه الصلاة، والدعاء، والتسبيح، وقراءة القرآن، وغيرها. وقد ورد الاعتكاف في السيرة النبوية أن الرسول عليه السلام كان كثير الاعتكاف، ولا سيّما في ليلة القدر، كما في الحديث: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ . حتى توفاه اللهُ عزَّ وجلَّ . ثم اعتكف أزواجُه من بعدِه).[١٢] العمرة تعادل الحج: فقد ثبت عن الرسول عليه السلام الحديث القائل: (عمرةٌ في رمضانَ تعدِلُ حجَّةً -وفي روايةٍ أخرى- تعدلُ حجَّةً معي).[١٣] ليلة القدر: هي الليلة التي تُغفر فيها الخطايا، وتكون إحدى الليالي الأحادية من العشر الأواخر في رمضان، ويُرجّح أغلب العلماء أنّها في الليلة السابعة والعشرين، لما ورد من الحديث: (واللهِ ! إني لَأعلمُ أيَّ ليلةٍ هي، هي الليلةُ التي أمرنا بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقيامِها، هي ليلةُ صبيحةُ سبعٍ وعشرين، وأمارتُها أن تطلعَ الشمسُ في صبيحةِ يومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها)،[١٤] الإكثار من الدعاء والاستغفار: للاستغفار فضل في تطهير النفوس، وتنقية النفس من الذنوب، خاصة عن الإفطار، والثلث الأخير من الليل، ووقت السحور، ويوم الجمعة. صلة الأرحام: دعا الإسلام إلى صلة الرحم لما فيه من تحسين لأخلاق الناس وتصفية للأحقاد في النفوس، وحذّر الإسلام من قطع الرّحم بالعذاب في أكثر من موضع في القرآن والسنة النبوية الشريفة.